قصة واقعية محمد والطريق الكاتبة : المعلم الجامعي سوسن لطيف اختصاص / بكالوريوس لغة عربية

قصة واقعية محمد والطريق الكاتبة : المعلم الجامعي سوسن لطيف اختصاص / بكالوريوس لغة عربية

قصة من الواقع حدثت عام ٢٠١١ بعنوان ( محمد والطريق ) الكاتبة : المعلم الجامعي سوسن لطيف اختصاص / بكالوريوس لغة عربية


كان هناك شاب اسمر البشرة مرح كثيرة هي أطباعه الجميلة لكنه يتصف بالهدوء وعدم الكلام  وإجاباته محدودة جدا حسب السؤال لايزيد ولايُكثر ،وكان كثير التنقل من محافظة لاخرى لطلب رزقه اينما كان لايبالي بالجهد ولا بالعناء لان لديه هدف أغلى من صحته الا وهو أطفاله وزوجته وقبلهم أمه وابيه اللذان كانا السبب الاول في السعي وراء رزقه ليرد جزء من افضالهما عليه ،لكن هناك دائماً في الحياة ما يعكر صَفْو حياته الا وهو تعرضه لأبشع حادث مر بحياته !! خرج محمد مودعاً الاهل والاهبة ولسانه مردداً اذكار الصباح وبعض أيات الحفظ التي تعلمها من والدَّيه ولم يكن يظن إن هذه الكلمات القليلة في حجمها العظيمة في معانيها إنها سوف تكون الدرع الواقي من خطر يعبر عنه بأنه الهلاك نفسه لكن ألطاف الله لاتاتي لاي شخص ما وانما لمن بر والدّيه واحسن معاملة زوجته وفق مايحبه الله ورسوله الكريم ، رن الهاتف على محمد ،نعم تفضلوا؟مرحباً ياعزيزي ،هل وصلت الى مكان عملك باذن الله !! ؟؟ محمد :سأصل بعد نصف ساعة .ماذا بك اليوم ياعزيزتي ؟ اتعلمين ان هذه المرة السابعة التي تتصلين بي ؟ هل هناك شيء ما لااعلمه وتخافين إبلاغه لي؟؟ زوجته: كلا كلا بل والله إني قلقة عليك كثيراً إشعر بوخزات في قلبي لاول مرة اتعرض لها لااعلم لماذا ! ضحك محمد قائلاً: الاتعلمين لماذا إنه الحب ايتها المجنونة وضحك بصوت مسموع حتى يخفف توتر زوجته وهذا ماجعلها تضحك ايضا ً لكن الاثنان كانا يشعران بنفس الشعور .ترى لماذا وماالسبب؟ قال محمد: هيا ياعزيزتي اغلقي الهاتف فانا الان قريب من سيطرة وتعليمين إن الهاتف ممنوع عند السياقة وقبل إن يكمل كلامه !!...... سمعت زوجته صوت ارتطام قوي جعلها تصرخ محمد محمد وهنا ..... اغلق الهاتف ولم يظهر صوت محمد ليطمئن حبيبته وام أطفاله وغاب النور عن الارض وبدأت صفحة سوداء لمحمد لم يشهدها من قبل وبعد ايام طوال لم يشعر بها ،استطاع ان يفتح عينيه لكنه يشعر كأن جبلا ً ثقيلاً قد وضع على جسمه وخاصة عينيه وأذنيه فلا يستطيع أن يفتحها كماعهدهما وماإن فتحها ببطىء حتى راى اشباح مختلفة لم يشعر إنه يعرفهم هم عبارة عن مجموعة اشخاص غرباء منهم من يرتدي زياً ابيض ومنهم من يرتدي ملابس عادية لكن في كل الاحوال هو لايعرفهم وهنا ....؟؟ مرحبا ياصديقي كيف تشعر ؟؟ سأله شخص يرتدي ملابس بيضاء طويلة لكنه لم يتذكر ماذا يسمى فنظر اليه محمد قائلاً : لست بخير لااشعر بأني بخير ولاأعلم لماذا؟؟ من أنت ومن هؤلاء النسوة والرجال الكثر انهم يضايقونني كثيراً إنني متعب واود أن أكون بمفردي.وهنا !! بدأ يظهر صوت  بكاء امرأتين الاولى كبيرة في السن والثانية بنفس عمر محمد .لكنه لم يكترث لهما ولا لأي شخص في الغرفة وإنما اراد أن يشعر بالراحة التي لايشعر بها الان . قال الطبيب مصطفى له: محمد محمد أنظر لي من فضلك . نظر محمد له قليلا ً واراد يبعد بصره عنه لكن الطبيب مصطفى وضع يده على ذقنه قائلا ً له: أنا مصطفى طبيبك الذي يعالجك لقد تعرضت لحادث قوي جداً لهذا تشعر بالتعب والارهاق .فهلا تعيرني انتباهك ياعزيزي ؟ نظر محمد له بدون شعور قائلاً : ليتني استطيع لكنني مجهد جداً .قال الطبيب لاعليك وهنا أمر الممرضة بإحضار أبرة تجعل من محمد قادراً على الاستيعاب والفهم للوضع والمشكلة .وبعد ساعة مرت كإنها جمرات لمسها طفل صغير لم يعرف أذيتها لكن الوانها اغرته فحملها بيده فدفع ثمن فضوله .تلك الساعة هي التي تحدد مقدار إستجابة محمد لهذا الدواء ام لا .وهنا ....!! إستيقظ محمد قائلاً لممرضة كانت تجلس على كرسي بعيد عنه .ياانسه اين انا ومن أنتِ وهنا انتفضت الممرضة سميحة من مكانها وبدات تقول له يالهي الحمد لله على سلامتك واخيرا استطعت أن تنطق وتعيد الحياة لنفسك ولمن أحبك .نظر اليها بإستغراب لكنها اكملت كلامها إنظر ياسيدي أنت اسمك محمد ولقد تعرضت لحادث سير قوي جعلك تغيب عن الوعي شهر ونصف وقد حاول الكثير من الاطباء إنقاذك لكنهم يأسوا الا واحد اسمه مصطفى استطاع بصبره وقوته إن يجعلك تعود للحياة مرة اخرى وقبل هذا قدرة الله ولطفه عليك .نظر اليها وقال مبتسماً ومن تكونين واين انا؟ قالت: انا سميحة ممرضة في مستشفى الطب العام في الديوانية هلا سمحت لي بالذهاب لجلب الطبيب لمعاينتك وفحصك رجاءاً .أشار برإسه بالموافقة وماهي لحظات حتى ظهر الطبيب مصطفى بهيئته الجميلة المعهود بها وصوته الذي يدل على ثقته بمعلوماته وبما يحمله من اخلاق مهنة لايقدرها غير من يعرف قيمتها عند الله وعند نفسه .اذ ان هذه المهنة تجعلك مصاص دماء البشر او تجعلك ملاك لهم .ومصطفى كان ملك لله في الارض لما يحمله من شرف وغيره على علمه ومهنته وماان راى محمد حتى قال له: مرحباً ببطلنا القوي سوف اناديك ب( فاندام العراق) ضحك الاثنان وبدأ مصطفى يفحص محمد ويساله بعض الاسئلة وبعد الاطمئنان عليه لاحظ الطبيب إن محمد لديه حالة حاول أن يتعرف عليها الا وهي ذاكرته فهو يتكلم ثم يسكت وهكذا فشعر الطبيب إن هناك شيء ما في الدماغ فأمر بأن يتم إجراء اشعة له في منطقة الدماغ وفعلا تم له ذلك وهنا ؟؟!! وبعد الفحص تأكد بوجود جلطة في المخ جعلت الشريان الذي يزود الدماغ بالدم مغلق بسبب تجمع بعض الدماء فيه وهنا بدأ الطبيب يفكر كيف سيطرح الموضوع على  محمد وإسرته بطريقة لايشعرهم باليأس بل عليه إنه يجعلهم يشكرون الله كثيراً لانه منحهم نعمة الحياة لمحمد مرة ثانية .وبعد ساعات وبعد إجتماع مع اعضاء الاختصاص الخاصة بحالة محمد قرروا أن يبلغوه عن وضعه الجديد لتكيف معه ويكون حذرا من اي انفعال يجعله ينتكس مرة اخرى .وهنا دخل مدير المستشفى مرحبا ً بمحمد قائلاً له : الان سوف تغادرنا على الرغم من محبتنا لك لكننا نريد لك السلامة يامحمد وجلس بالقرب من سريره ليجعل الحاجز الذي بينه وبين محمد ينكسر وانحنى اليه قائلاً له: محمد : أنت إنسان قوي والذي تعرضت له إمتحان من رب العالمين ليختبر مدى صبرك وحبك له فإن صبرت كافأك وان اعترضت لن تعيد وضعك الى ماكنت عليه فهلا شكرت الله وبدأت بحياة جديدة تتخللها الحذر الشديد على صحتك .فَهم محمد إن حياته السابقة انتهت وبدأت حياة فيها بعض المصاعب بسبب الحادث لكن طريقة كلامه مع الطبيب جعلت الاخير يعلم مدى نضج وعقلية محمد ومدى ايمانه بالله فعلا وليس كلاماً فقط وبعد إن جهز محمد نفسه للمغادرة حضر الجميع ومن بينهم المراة المسنة( امه) والمراة التي بعمره( زوجته) وبعد التأكد من إجراءات الخروج قد أُكملت تم بالفعل خروج محمد من المستشفى حاملا ً معه افكاراً جديدة لمواقف جديدة تجعل منه أصلب مماعهدوا به من يعرفه اذ إنه كان يؤمن بأن الضربة التي لم تقتلك تقويك نعم للأسف تجعلك أكثر شراسه مما كنت عليه لكن لا تبكي على شئ مضى ،بل إجعله درسا لك واعلم وتذكر أنه لا شئ يجعلك عظيماً سوى ألم عظيم فاصبر وأعيد بناء نفسك ألف مرة وجرب ألف طريقة وألف حيلة وأقطع لمستقبلك ألف وعد وألف ميل مهما كانت الضربه التي ‏‎‎تتلقاها قوية اجعل منك الردُّ أقوى، لاتتراجع، حتى وأن خسرت ،ولاتنهزم، واصنع لك عزيمة لا تُقهر ولاتضعف مهما كثرت عليك الصعاب قال تعالى: (وَبَشّرِ الصّابِرينَ * الّذِينَ إذا أصَابَتَهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّا إلَيهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ). فالصبر مفتاح الفرج وهو رغم صعوبته طريق للفوز والنجاح .
معلومات مصدر القصة 
الكاتبة : المعلم الجامعي سوسن لطيف اختصاص / بكالوريوس لغة عربية ، قصة من الواقع حدثت عام ٢٠١١

تعليقات