قصة نبض والطوفان الكاتبة : المعلم الجامعي سوسن لطيف اختصاص / بكالوريوس لغة عربية
قصة نبض والطوفان الكاتبة : المعلم الجامعي سوسن لطيف اختصاص / بكالوريوس لغة عربية
انا فتاة في عمر الشباب اعمل ليلاً ونهاراً لاحصل على رزق يكفيني انا وامي واخوتي ،وفي يوم تعرض بيتنا الذي لانحوي غيره الى القصف الشديد ولقد حمانا الله من خطر الموت لكن ..... واه من هذه الاحرف الثلاثة لطالما هدمت بيوت وعمرت بيوت .أصبح المأوى لنا صعب جداً فقرر أبي الابتعاد عنا لأنه لم يجد الحل المناسب غير هذا اذ ثقلت عليه الديون وأصبح الناس يأتون الى عمله لكي يحرج ويدفع لهم المال .ومرت الايام ونحن في خيم تمر علينا رياح الشتاء فتجمدنا ويأتي الحر فتتساقط قطرات جبيننا كأنها شلالات ماء لكن ليست عذبه لأنها تحوي املاح تعبنا وهمومنا من الدنيا ومافيها ،رغم هذا لم نيأس ولم نستسلم بل جعلنا الله هو سندنا اولا وأخيراً وكانت هدية الله لنا بأن رزق اخوتي اعمال وشهادات لم يتوقعوها وكان عليهم السفر بعيداً ولم يكن غير جناحَيّ الف به أحضان أمي الحبيبة لتطمئن بأن الله يرعاها ويحفظها وهكذا بقيت الوحيدة التي افكر في إعادة بيت لأمي .ومرت الايام وأنا أجمع الاموال لأهديها لها وفعلاً قررت في يوم عيد الام أهدي لأمي أجمل هدية بيت يسترها في كبرتها وبدأت الاتصال بجميع إخوتي لكي لا ينسوا هذا الموعد الجليل ،واستطعت إقناعهم فعلا ً وجاء هذا اليوم وبدأ الجميع يحضر لهدية لأمي ولم يعلموا بأمر البيت مطلقاً لأنني وعدت نفسي أن لا اذكر هذا السر لأحد الا يوم عيد الام .وتجمع الاحباب الا حبيب واحد لا استطيع دعوته الا وهو أبي الحبيب ففكرت بخطة صغيرة قد تنفع وتعيد المياه لمجاريها .وفعلا ً بدأت بخطتي وهي أن امهد لأمي عن مرض أبي وكيف يعاني الوحدة بعيداً عنها لكن كل هذا الامر تم بعد أن وجدت أبي ودفعت بدلاً عنه جميع الديون .ومر إسبوع وإثنان إستطعت أن أعيد حب أمي لأبي ورغبتها في عودته للبيت .وهكذا كان يوم الخميس يوم عيد الام حيث إجتمع الكل فرحين بما جلبوا لأمي وهنا رن الجرس .....!! دخل اخي سلمان وزوجته وأطفاله الاثنان،ثم سليم وزوجته وطفلته ليليان التي كانت أقرب حفيدة لأمي ثم أختي سناء وإبنها لأنها فقدت زوجها في الحرب وهكذا جمع الله العائلة من جديد ولم يعلموا إني قد جمعت رب البيت الذي لولاه لماخُلقنا ومهما يفعل فلا يحق لنا التدخل بسياسته او تفكيره لأنه لم يفكر ويخطط من نفسه بل هو قدر سلط علينا جميعا من قبل رب العرش الكريم.ومرت الساعات ونحن مجتمعين في بيت عمي الذي يسكن قريب منا لكن الحمد لله لم يصبه شيءٍ أبداً .وبدأنا نحن النساء بتحضير الطعام لان من عاداتنا أن نصنع الكعك والحلويات مع الطعام وهكذا صُنعت لأمي أجمل كيكة وكتب عليها (أمي لو كان عمري بيدي لزدته لكِ، أنتِ نهر العطاء المتجدد الذي لايجف، وستظلين لي رمز الطهارة والنقاء ومنارة الحب والحنان. إلى أغلى وأعز الناس، سنة مباركةوكل عام وأنت بألف خير يا تاج الرأس ياغاليتي) وما إن قرأتها حتى بدأت دموعها تسيل على وجنتيها لكنني أسرعت بالمنديل لأمسح دموعها الغالية وأقول لها :اتبكين وهداياك لم تناليها ياحبيبتي ؟؟ نظرت الى عيني والدموع تخر من عينيها وقالت: أنتم هداياي في هذه الدنيا وجودكم حولي أكبر هدية لي والله وبدأ الجميع بالبكاء ومن ضمنهم المتكلم وهنا....رن الجرس من جديد وما إن فتح أخي سليم حتى بدأ بالصراخ قائلاً إنه أبي لقد عاد الينا ياعم وياامي ويااهلي وركض بإتجاهه وحضنه بطريقة كأنه لم يشاهده مرة أخرى وبعدها بدأ الجميع يطلب من سليم ترك حضن أبي لهم وهنا .....!! وقف أبي بإتجاه أمي ناظراً لها بعين منكسرة قائلاً لها : هل تقبلين أن أعيش معك الايام الباقية من عمري يأم نبض ؟؟ ذهل الجميع من قول هل تقبلين الرجوع ومن كلمة نبض .فلماذا ذكر اسمي ولم يذكر إسم أخي الكبير سلمان ؟؟ قال أبي: نعم ام نبض لأن الله منحني بنتاً لولا هي لماوجدتموني هنا فقد انعم الله عليه بهذه الفتاة الجميلة ليعوضني قساوة الدنيا ومرارتها .نظر الجميع الى عيني وهم يسالون بأعينهم ؟ ماالذي فعلته لتجعلي من والدك المنكسر إنساناً محباً للحياة فخوراً بماأنجب وهنا قلت للجميع: دعونا نحتفل بهذه اللمة الجميلة التي منحها الله لنا ونصلي شكرا له لأنه لم ينسانا ابدا من رحمته الواسعة .وفعلاً إجتمع الجميع وصلوا صلاة شكر لله ،وبعد الانتهاء بدأنا بتقديم الطعام ثم كيكة أمي التي بدأت تبكي بحضني لكن أبي قال لها عليك أن تفخري بها فلولاها لما إحتفلنا بك . وبدا الجميع بتقديم هدية عيد الام ووالكل جلب معه اثمن شيء لكن في عين أمي وقلبها كلام لم يفهمه الا أنا كأنها تقول لهم: لااحتاج الى الطعام ولا الى الخواتم والقلائد بل أحتاج لمأوى يسترني بكبري .دمعت عيني لما شاهدت من حب لأمي وأبي وبعد الانتهاء من تقديم الهدايا قلت لهم : الان سوف أقدم هديتي وعليكم تنفيذ طلبي !! ممكن ؟قالوا بكل سرور .تقدمت بأتجاه والدتي وقلت لها:عندما نكسر لا يجبرنا أحد إلا عائلتنا، تقوينا وتعيدناللحياة من جديد. حينما نقع ونمد يدنا للنجدة يضربناكل الناس على يدينا إلا عائلتنا، هي وحدها التي تحملنا وتنفض عنا غبار ألمنا نتشارك الجوع قبل الشبع في العائلة، والفشل قبل النجاح فهي تبقى حين لا يبقى أحد عندما تتبين الزائف من الأصيل في معادن البشر، تجد عائلتك تتربع على عرش الأصالة، فلكم اقول هذه العبارات عند الشدة ووقت المصاعب ينسحب الجميع، وتبقى العائلة وحدها من تطبطب على وجعك.و هي وجهان لعملة واحدة، فلا يمكن للظروف مهما رمت هذه العملة أن تتجرّد من العائلة. لذا تبقى الأمان الوحيد الذي تجده لامعًا، فمهما اصطدمت بها المصاعب، فلن تزدها إلا لمعانًا. كل القلوب تصدأ مع مرور العقبات، إلا قلب عائلتك لا تغيره الدنيا بكل ظروفها. عندما تقع وتتألم لا تصرخ إلا بمن لا تشك يومًا بنجدته، لذلك تقول: "أخ" حينما تلغى المصالح وتكشف معادن الناس، تجد نفسك وحيدًا فتشعر بالحزن للحظة، لكن سرعان ما تشعر بالطمأنينة لوجود عائلتك إلى جانبك. العائلة جزء لا يتجزأ من يومك، بهم تبدأ السعادة وإليهم ينتهي طريق الحب الوحيد. تبقى العائلة حينما لا يبقى أحد حولك، حاول عناقهم كلما أردت فحب العائلة مع الجفاء ينضب. حينما يتخلى عنك الجميع، تجد حولك أب حان وأم رحوم وأخوة يطوقون روحك بالسعادة. تبقى العائلة عندما تجد نفسك على الرصيف بعد أن لفظتك شدائد الأيام ومصاعبها. فهي الركن الوحيد الذي تجده يخفف من وهج أوجاعك، حينما يضع من حولك الملح على جراحك.كانت ومازالت الملجأ الوحيد لكل فرد فيها مهما خانتهم الظروف وتجبرت بهم. وهنا شعرت بيدٍ تسحب يدي وتقبلها بقوة ودموع تتساقط من عين اصابها الفرح رغم الألم فنظرت فإذا هي أمي فأسرعت بمنعها من أكمال مافعلت وقلت لها لو أراد الله مني روحي لمنحتها لك ياجوهرتي لكني أتمنى أن اكون حققت لك ماتتمنينه ياامي وهنا .....!! أخرجت مفاتيح بيتنا الجديد وقلت لها : أقل مااقدمه لأعظم امٍ واجمل كائن فضله الله على مخلوقاته لأنه يعلم مقدار الالم الذي تعانينه أنت ومن مثلك .قال أبي وماهذا؟؟ قلت: هذا سترنا عند الكبر هذا أماننا من الحر والبرد أنه مفتاح بيتنا الجديد ياابي وأمي وأخوتي وأتمنى من الله أن أكون قد أسعدت قلبك الصغير ياامي الكبير بالحب والعطاء ياغاليتي .وهنا وقف الجميع وبدأت الفرحة تعم بيننا واختلفت اساليب الفرحة بين باكياً وبين حاضنا ً الا أمي لم تقل سوى سترك الله كما سترتنا ياابنتي وجعل عوضك خيراً مما خسرت .فقلت لها بل كسبت عائلتي التي افتقدتها دائما .ولم ولن أخسر سوى حنان أبي وأخوتي واستطعت أن أعيدها من جديد .والان ياابي واخوتي وقبلكم أمي نذهب الى بيتنا الجديد وقبل ذلك كله علينا إعادة أبي لأمي بطريقتنا الشرعية المعروفة .فقالت أمي ضاحكة : أتقصدين أن تجعليني عروساً من جديد .ضحك الجميع وتوقفوا على كلام أبي الذي قال: بل قولي سنداً لرجل هملته الايام وحضنته زوجة وفية لم ولن تنساه أبدا . وهكذا استطعت أن اعيد الحياة لأم لطالما كانت تظن إن الحياة أنستها قيمتها وعزتها ووجودها المهم في الحياة .
معلومات مصدر القصة
الكاتبة : المعلم الجامعي سوسن لطيف اختصاص / بكالوريوس لغة عربية
عزيزي المشاهد لا تترك الموضوع بدون تعليق وتذكر ان تعليقك يدل عليك فلا تقل الا خيرا :: كلمات قليلة تساعدنا على الاستمرار في خدمتكم ادارة الموقع ... ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )