الغابة الخضراء ( قصة فلسفية) بقلم الاستاذ علي العقيلي


قصة الغابة الخضراء ( قصة فلسفية) بقلم الاستاذ علي العقيلي



اي حلقة من حلقات عقد السلام في داخل النفس البشرية تنكسر لظروف الحياة الغاضبة. أنا بنت 53 ربيعاً وهذه قصتي مع الحياة.مع انقضاء النهار يخلد الجميع سباتاً اخرج أنا من بين ثنايا الأفكار منحنية على نفسي انظر في شؤون ما جرى واحاول ربط ما يجري . لم أكن اعلم أن الطفولة التي كنت اعيشها لم تكن إلا مرحلة من مراحل الرحلة القادمة هكذا كنت أفكر وأنا انظر الى المرآة امامي احدثها وتحدثني اشكو لها وتشكو لي لم يعد لي أحد يسمع كل تلك المحطات الغابرة من حياتي . انسج في اطراف الليل القصص مرةً عن نفسي ومرة عن الناس. أيتها المرآة هل مر اخي أمامك هل مازالتِ تحفظين صورته، ابتسامته ،طوله الجميل المتوسط، قصصه، أحلامه. مبستم الان يحدثني عن مشاريعه ،حياته عن طفلته، وزوجته عن بيته إم أنه غير راغب بالحياة لا تعنيه ولا وجود لها في حياته .. ياالهي ماهذا الألم من يغرز سكينته في قلبي ليخرج منه كل تلك المشاعر ،من يخرج من عقلي تلك الأفكار. إنها تقتل الشباب والامل وتبعد عنا الوجود تقرب لنا مشاعر سوداء متناثره الأطراف لا احد يمسكها لا أحد لا أحد...ثم في ذلك الوقت امازح نفسي لعلي اصل بها إلى الطمأنينة التي فقدتها بأبي وأمي وكل الأشياء الجميلة. إن النجاح بدون تلك العظمة لا معنى له ولا غاية له نعم أنا كبيرة في العمر ولكن مازلت انتظر يد ابي كي أعبر الشارع مازلت انتظر يد امي تمسح شعري وتقرأ لي من قصص الاجداد .. كل تلك الامنيات .. نعم امنيات لن تكون ولم تكون كانت ماضي وليت بها نعود...
 

الجزء الثاني ( بتوقيت القدر )

في توقيت القدر هناك عجلة تدور رحاها تنقل أناس طيبين إلى عوالم مخفية لا نعلم صداها ولم يسبق لأحد أن حدثنا عنها أنهُ ( قدر الموت ) بهذا التوقيت دق القدر ابواب اخي (الأكبر عمراً مني) لم يكن مجرد قدر ولم تكن مجرد صفحة من صفحات هذه القصة بل كان آية من ايات الرحيل المشؤوم نعم هو بين يد الرحمة الربانية ولكن أن تواجه الحياة بأضلع مهشمة هذا هو القدر الشؤوم الذي نتحدث عنه جاء كما تجيء تلك العواصف المظلمة التي تلقف امامها كل شيء لن يبقى النخيل شامخاً هكذا بدا لي منذ ان رأيته مخضب بدماء الإخوة وكأن الحياة غضبت على غصن شجرة السدر . رحيل واي رحيل لو قلت لكم كم المشاعر التي اعانيها بعد هذا الزمن الذي لا أعلم أ هو طويل أم قصير ... توقف كل شيء الابتسامة اصبحت صوت روتين لا معنى له فلسفة لقلب حطمه الفراق .. تلك اللحظة التي اقف فيها أمام نفسي اشعر بأن اخي مازال يمازحني ينصحني يعاكسني مرحاً . مازلت اضع يدي على رأسي وانادي بلا صوت عسى ان يسمعني او يمد يده من قبره ليلامس يدي اشعر بوجودة هنا امام كتبي ومكتبتي يتحرك اسمع نداءه فلانة احضري لي افطار صففي لي ملابسي ما رأيك بتسريحة شعري هل أنا انيق ... امازحه حتى في فراقه - اذا الوحوش حشرت - ليتني قلت الحقيقة أنك أجمل ما رأت عيناي بل أنك فارس أحلام كل نساء الحي بل أنت طبيب قلوب الفتيات آه ياخي كم مؤلم هذا الشعور الذي ابحث فيه عن وجودك عن ظلك ولا اجدك . اين الرحيل أنا بك احيا واموت. حان وقت النوم أنا الأن اضع رأسي على وسادة الحزن والألم اغفو لانام لبضع دقائق قليلات..قبل ان أكمل قصتي مع الزمن...

الجزء الثالث (لم يكن نصيبي)

قال أبي رحمه الله: ( يا روح ابيها اعلمي جزاك الله خيرا أن الحياة نعيشها لنعيشها ) كانت تلك الكلمات كأنها قاموس مقدس أبي رغم قلة الكلام إلا إنهُ اذا تحدث افاق من حوله . كنت في سن الخامسة والعشرين عاماً كانت هذه النصيحة بمثابة الحياة التي ستسير عليها سكك القطار أو تلك الطرق الغير معبدة التي اتجنب فيها كل العثرات . تلك النصيحة جعلت مني إمرأة من حديد تقاتل وحدها لوحدها تخلق لها حياة لا سند لها إلا الله ولا حلم لها الا العزة والكرامة نعم أنا اعتقد أن حياتي خاصةلا اسمح لأحد أن يعرف متاهة زمانها ولا دخولها فاتحاً كان ام محتلاً. لا داء يقلل من خلق ربي ولا شكلا يجعلني أنا - أنا أنا مهما كانت نظرتهم ومهما على مقامهم- ثم أن نرجسية حياتي تتناغم مع سلامة وجودي أنا لا اسمح لاحد بأن يقطع قطع الكيك كما يبدوا له فكيف لي ان اقنع بأن يأتي شخص ليقطع فكرة في مخيلتي انوي نثر ابداعي فيها . هذا مادار بيننا أنا وبنت اختي عندما حدثني قائلة( ألم يكن لهذا القلب الجميل من نصيب) إبنتي! هذا البحر الذي نراه في حياتنا ليس مجرد ماء هو يحوي مفاتيح كل عاشق وأنامل كل محب هكذا قلوبنا كانت بحراً يهيج تموجاً غير معتبراً لما دار وما يدور إبنتي إعلمي أن البحر بالحب يهدأ ويستولي عليه من كان اهلاً له وأنا ياإبنتي لم أجد من يستولي على قلبي غير ( أبي وأمي) لا أرى احد يضحي كما هم؛ ولا يتحمل كما تحملوا ؛ ولا ينصح احد كما نصحوا - هم دواء في دائي - قالت ضاحكة وما بها عيناك أيتها العاشقة - اذرفت الدموع أن الشوق الى الاحياء يطفي لهيبه الصوت ولكنه شوق الاموات ماذا يطفئ نارهُ. ضج المكان بالحزن والألم . وتذكرت نصيحة أبي عندما تشتاقوا لنا اجعلوا ايديكم بعضها فوق بعض بلا شعور وضعت يدي امامهم فهم أخي ووضع يده وصرخت أختي مع وضع يدها كان الوضع بالنسبة للبنات اختي صادماً ماذا يحدث هل هذه دوامة سينمائية إم أن ذلك جنون كيف لهم ان يجتمعوا على فعلاً واحد في لحظة عاطفية تحول حزنهم إلى فرح قال اخي اشعر وكأن أبي وأمي حولي اشعر بأنامل ابي وامي ياالله ما هذا الشعور ماذا يحصل الآن قالت بنت أخي ذلك. تطلب تفسيراً . ابتسمت امها قالت لها (سحر) هذه وصية أبينا عندما نشتاق لهم نضع يدي بعضنا فوق بعض وانت يا سحر (عندما نرحل عنكم وتشتاقون لنا لا تتركوا هذه الوصية بها لن تحتاجوا لاي كائن وسيقف الله معكم في حزنكم قبل فرحكم ) مازحتني سحر خالتي ليتني ما سألتك وكأن ماحصل يجعلني ارتب حياتي على ما مضى السلف - مبتسمه- ابنتي قد رتبتها سابقاً فعرفت إن السعادة في القناعة ... 
هكذا رتبت حياتي على أن لا أنتظر أحدهم ليقل لي هذا نجاحنا وهذه تضحيتنا . نحنُ نضحي ونحن ننجح .. وعلى العالم أن يتعلم : إن لم تجد نصفك الآخر فكن أنت النصف والكمال...في هذه اللحظة اترككم لاندثر فعلياً في النوم بعد يوم شاق في طريق النجاح لفتاة ترى طفولتها في عمر ال50 ..

الجزء الرابع والاخير (من الرحلة - مقعد دراسي - الى القدوة - معلمة)

إن السادس من العمر موعد كل طفلاً لبدأ رحلة الحياة تلك الرحلة التي نكون فيها او  لا نكون تلك الرحلة التي تحقق لنا انامل الخط العربي بأول حروف الأبجدية... 
ابنتي انهضي لبدأ حياتك أنت اليوم اجمل وردة يمكن ان تسير على هذه الأرض هكذا قالت امي بعد ان قبلت رأسي مسك أبي يدي هيا هيا دعينا نذهب لتكوني اذكى البشر طفلةً كنت لا افهم ما يقال ولكن احفظ ما قيل . في الطريق قال أبي بنبرة حد اسمعي ياإبنتي أن عائلتك الجديدة تساعدك كما ساعدناك منذ ولادتك إحترامهم واجباً حافظي على الهدوء واحترمي الجميع واياك اياك والمشاجرة مع الأخريات. تلك النبرة الابوية التي ارتجف قلبي منها مازالت هي الدستور الأول الذي وضعه ابي لي للنجاح. ها قد وصلنا قبلني أبي ومسح على رأسي وتمتم بكلمات لم اعرف معناها في ذلك الوقت. وهناك كانت ( نجاة) معلمتي الأول كُلفت باستقبال التلميذات في يومهن الأول جلست تستقبلني مبتسمة أهلا بدكتورة المستقبل اتمنى ان لا تكوني شقية وأن ننجح معاً في كل عام دراسي قدمت لي قطعت الحلوة وهذه كانت أول قطعة حلوة اتناولها - لم تكن قطعة حلوة عادي أنا أرى أنها سحر النجاح - مسكت يدي من الآن عليك ان تقولي لي ( ست ) وكل الذين هنا قولي لهم ( ست ) وهذا كان الدرس الثاني الذي تعلمته من ( مس نجاة ) جلست في المقعد الدراسي ( الرحلة) وكانت ست نجاة تجلس امامي كانت مقدسةو فرحةو جميلة انيقة ثيابها رغم البساطة إلا أنها كانت اجمل ما رأيت . قالت نجاة ماذا تقدم لنا المدرسة .. قلت أنا الحلوى 
_ نعم نحن نقدم لكم حلوى الحياة ثم نضرتْ ست نجاة الى النافذة وكأنها تريد ان تبوح بما في قلبها كأنها تقول ليتكم بقيتم اطفالاً هذه الحياة لن ترحم أحد ولن تعطيكم إلا الشقاء لم أفهم تلك النظرة فقد كنت طفلة ...انتهى كل شيء وحان وقت العودة الى البيت . ودعتنا مس نجاة قائلة سنتعلم غداً كيف نكتب حرف ( أ ) كانت امي تقف عند الباب منتظرة عودتي هو اليوم الأول التي تفارقني فيها . أهلا بدكتورة المستقبل قالت هذا وهي فرحة كاد تطير من الفرح .وهكذا سار الأمر كنت متفوقة في مدرستي وانتهت رحلتي مع الابتدائية وها أنا اصبح امرأة كما قالت لي امي وهي تمسك طرف أذني ( اسمعي يا بنتي أنت الآن امرأة عليك واجبات وعلينا واجبات حافظي على نفسك وقري عيني اباك واخوتك، احفظي الامانة وحافظي على وقارك بها تكوني انسانة وبدونها تفقدي كرامتك . ولم يطل الأمر كثيراًً ها أنا آبنت السادس عشر ربيعاً في مرحلة الاعدادية اقدم نفسي لنفسي ابدأ بكتابة أجمل سطر في حياتي - ماذا أكون وكيف اكون - سألتني الينا . صديقتي ماذا نكون بعد هذا الزمن قلت لها أريد ان اكون نجاة أن اقف أمام التلاميذ احمل رسالة السماء واعلم الناس حرفهم الأول قالت كلا هذا متعب انا سأكون طبيبة اساعد امي على أن لا تموت فقد ماتت بلا طبيب يعالجها .. يوم حزين وذكريات مظلمه تحملها الينا يتيمة الام . وها أنا اتخرج من الاعدادية لاحقق حلم حياتي قدوة للناس واعلمهم دينهم ولغتهم ودستورهم . 
قال ابي : ابنتي انت العمل الصالح الذي يدعو لي انت من تحملين دعائي أمام الله وانت حبل نجاتي عندما تحافظي على هؤلاء الأطفال كما حافظت مس نجاة عليك . تذكرتها وتذكرت كيف سأكون اذا ما كنت امامها معلمة هل سارتجف من الاحترام كما كنت . نعم بعد ان أصبحت معلمة ووقفت امام معلمتي الأولى وقفت وكأني طفلة أرى فيها فخر النجاح وارى في نفسي عظمة ما وصلت اليه وارغب بان أرى ابنائي التلاميذ يصلون إلى ما وصلت احمل رسالة ابي ومعلمتي ومدرستي . ( ابنائي التلاميذ والطلبة هذا قصتي وهكذا ستكون قصة كل مجتهد ونصيب على محارب من اجل نفسه والتوفيق لن يكون الا حليف من قاتل لتحقيق أحلامه. حققوا كل احلامكم ... 
وافخروا بما تقدمونه لانفسكم واحفظوا جميل الاباء والامهات والمعلمين والمعلمات )
معلومات مصدر القصة 
الكاتب : قصة الأستاذ علي العقيلي

تعليقات